القبائل العربية بل جل القبائل
اليمانية تعود بسلسلة نسبها إلى سبأ والأدلة الأثرية بشأن ذلك لم تكتشف بعد
فسرد النسابة تأثر بطريقة اليهود في تعقب الأنساب
وشبه تأليه الشخصيات القديمة بل كانت التوراة مصدرهم الذي
استقوا منه تلك الأسماء بالإضافة لزيادات من عندهم وتعريب لأسماء تبدو في ظاهرها عبرية
كان السبئيون يعبدون إيل مقه (إيل الحافظ) إلههم
القومي يليه آلهة القبائل الخاصة فلكل قبيلة إله يعقب الإله القومي كانوا آباءً
للقبائل وفق معتقداتهم القديمة بالإضافة لتقديسهم للإله عثتر أكبر الآلهة والتي اجتمعت ممالك
اليمن الأربع وقبائلها على تقديسه وإيل هو الإله الاكادي-الكنعاني
القديم ويظهر في أسماء السبئيون بكثرة مثل وهب إيل وشرح إيل وهي شراحيل وشرحبيل
(شرحب إيل) وكربئيل والتي تعني القريب من إيل (الله) و"إيل شرح"
وتعني "نصر إيل" أو " إيل المتلألئ" ويظهر في أسماء الإسرائيليين مثل صامويل وهي
صامو إيل وميكائيل وجبرائيل، اشتهرت المملكة بسدودها وأشهرها سد مأرب القديم وسيطرتهم
على الطرق التجارية التي أهمها طريق
البخور وطريق
اللبان ونقلوا نظام كتابتهم القديم المعروف بخط المسند
إلى المواقع التي سيطروا عليها في شمال الجزيرة العربية، وشمال إثيوبيا وكان لهم
نظام كتابة آخر عرف باسم الزبور
الأصول ومصادر التاريخ
خريطة
تبين موقع مملكة سبأ عام 1200 ق.م
تأسيس مملكة سبأ.
كان السبئيين/العرب الجنوبيين ينسبون انفسهم الى سبأ قبل الإسلام، في القرنين
الاول والثاني الهجري كان السبئيين/العرب الجنوبيين يفضلون اتخاذ لقب "السبئي" ولم
يكونوا ينسبون انفسهم لقحطان، ظهرت شخصية قحطان في كتب الروائيين العرب في القرن
الثاني الهجري، بالنقوش ظهر "قحط" او "قحطن" كقرية في مملكة كندة ولم تكن
قبيلة.
هناك عدة نظريات بشأن أصول السبئيين القديمة، عند الإخباريين والنسابة العرب هم
أبناء حمير وكهلان بني سبأ حفيد النبي هود (
سبأ عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن
يقطان/قحطان بن هود)سبأ كان والد كهلان وحِميَّر وهم القسمان الذين
يعود اليهم قسم من العرب عرفوا في الأدبيات بالعرب السبئية أو اليمانية وزعم اهل
الأخبار أن
عبد شمس أو سبأ قبيل وفاته بعد خمسمئة سنة من الحياة، اوصى حمير
بالملك ووزع كهلان
خارج بلاد
اليمن ليحموا المملكة وسردوا عددا من الأسماء لملوك خرافيين مثل مزيقياء
الملطوم ومزيقياء هذا اسمه
عامر بن عمرو الأزدي وسمي بإسمه ذاك لأنه كانت تنسج له في كل سنة ثلاث مائة
وستون حلة، ثم يأذن للناس في الدخول فإذا أرادوا الخروج استلبت عنه وتمزق قطعاً
فسمي على مازعموا ثم خرج مزيقياء هذا من اليمن
قبيل انهيار سد مأرب وبقي الملك لبني
حِميَّر وعلى هذا تنتهي قصة سبأ عند النسابة وأهل الأخبار.
خريطة لإنتشار سلالة قطورة
زوجة إبراهيم وفقا للتوراة ويظهر يقشان
بن إبراهيم بجنوب
شبه الجزيرة العربية
وهناك الأساطير الإثيوبية وهي أن ملكة سبأ تزوجت من
الملك
سليمان وانجبت منليك
الأول ليكون جد
السلالة السليمانية من أباطرة إثيوبيا وفقا لكتاب
مجد الملوك الإثيوبي الذي تم تأليفه في القرن
الرابع عشر بعد الميلاد. ولليهود روايتهم الخاصة عن سبأ فتخبطوا
في ذكر نسبه فزعموا أنه من أبناء الشخصية التوراتية إبراهيم من زوجته قطورة التي تزوجها عقب وفاة سارة. قطورة أنجبت لإبراهيم
عددا من الأولاد منهم مدين ويقشان.
مدين خلف ديدان
ويقشان
خلف سبأ. وكلمة
يقشان بالعبرية تعني
مهاجم أو
صعب وشي من هذا
القبيل وأمر أبنائهم باستعمار الأرض بعيدا عن ابنه إسحق
المُختار وكلمة
قِطورة (عبرية:קְטוּרָה)
بالعبرية مشتقة من الفعل
قطوريث وتعني
يبخِّر فمعنى اسمها له علاقة
بالبخور وقد كانت سبأ محتكرة لتجارة تلك التوابل. ثم
ذكروا في موضع آخر أن
شبا شقيق حضرموت وأنهم من أبناء يقطان بن عابر وهذا الادعاء دون غيره
هو ماتمسك به النسابة العرب بعد الإسلام. والرواية
اليهودية الثالثة أن سبأ من أبناء كوش.
ولكن الدراسات الحديثة عن سبأ تظهر تاريخاً أكثر تفصيلاً، اعتمد العلماء في القرن
التاسع عشر وبدايات القرن
العشرين على العهد
القديم، والأساطير العربية والإثيوبية لمحاولة تدوين تاريخ متسلسل عن هذه
المملكة فيستنبط من العهد
القديم وجود ثلاث سبأ بسلسلة أنساب مختلفة واحدة على حدود الهلال
الخصيب وأخرى بجنوب الجزيرة العربية وأخرى فيما يعرف بإثيوبيا اليوم. لا يمكن
التأكد من أي هذه الادعاءات سواء روايات الإخباريين والنسابة العرب، العهد
القديم، والأساطير الإثيوبية ولكن لا يمكن إستبعادها تماماً فهي تحوي لمحات عن
تاريخ سبأ.
عابر، الجد
المفترض للسبئيين وفقا للتوراة
لا يمكن التسليم بما جاء في العهد
القديم كحقائق تاريخية لسبب عدم وقوف العلماء على فترة كتابة هذه القصص فهي لم
تُكتب في الفترة المفترض أن شخصيات الإنجيل
العبري عاشت فيها
[ملاحظة 1] وهو أمر مفروغ منه عند علماء الآثار
بالإضافة للطبيعة الأسطورية لهذه الكتاباتأما الأسطورة الإثيوبية عن الملكة ماكيدا أو
ماجدة وابنها منليك
الأول، فهي أسطورة دونت في القرن
الرابع عشر بعد الميلاد ـ مايزيد عن ألف ومائتان سنة بعد زوال مملكة سبأ ـ فلا
يمكن اعتبار كتاب
مجد الملوك مصدراً تاريخياً موثوقاً بأية حال لإنه وجد لتثبيت مزاعم الأسرة
الإثيوبية الحاكمة بأنهم من نسل الملك
سليمان خصوصا الملك أمدا
تسيون ومعنى اسمه
دعامة صهيون الذي حكم في الفترة مابين 1314 ـ 1344 للميلاد،
فهو أول ملك إثيوبي يأمر بتدوين مآثره فهدف المخترعين ومعيدي كتابة التاريخ
الإثيوبي خلال تلك الفترة كان لإيجاد سرد قومي لتاريخ إثيوبيا والإجابة على العديد
من التساؤلات حول الهوية الإثيوبية، تساؤلات من قبيل لماذا تتشابه المسيحية في
إثيوبيا مع اليهودية وعن سبب ملامحهم الهجينة بين
ساميين و أفارقة وليس لوصف
حقائق تاريخية بالضرورة لا توجد دلائل أثرية تحكي تاريخ إثيوبيا قبل مملكة
أكسوم لتثبت المزاعم الواردة في كتاب مجد الملوك والآثار السبئية الحديثة
المكتشفة في اليمن
تصرف النظر عن المزاعم الإثيوبية
وهناك كتابات الإخباريين والنسابة العرب عن تاريخ سبأ، وقد حصروا ملك سبأ في
قسمين من العرب القحطانية هم الأزد وحِميَّر وكلها كتابات ظهرت
في عصور متقدمة فقصة الملك المدعو مزيقياء، هي على
الأرجح إضافة ومبالغة من قبل الغساسنة
لتعظيم جدهم المزعوم واظهار غناه وقدرتهلا يوجد دليل أثري واحد أن سبأ كان إسم شخصية
وله ولدان كهلان
وحمير،
فمملكة
حِميَّر ظهرت على أواخر القرن الثاني قبل الميلاد ونصوص المسند تظهر
أنهم كانوا أقرب لمملكة
قتبان من سبأ والملك في سبأ كان بيد عوائل لا ذكر لها في
كتابات النسابة وأهل الأخبار مثل
قبيلة فيشان ومن نصوص المسند فإن
القبيلة الوحيدة التي تمتعت بكرامة الملوك في سبأ وكانت متواجدة في العصور
الإسلامية والى العصر الحديث كانت فرعي همدان
حاشد وبكيل، وحتى هولاء ظهروا في النصوص
السبئية بوقت متأخر وفترة مضطربة من تاريخ سبا
التاريخ
كانت سبأ إتحاداً قبلياً وعلى رأس الإتحاد كاهن يقال له مكرب وتعني
مُقَـرِّب ويراد بها
الآلهة لكن هناك من اعترض على هذه التفسير وفسرها
بمعنى
موحد ضم الإتحاد عددا كبيرا من القبائل لا يعرف
عنها شي في العصر الحالي باستثناء عدد من القبائل لا زال متواجدا باسمه إلى اليوم
أبرزها همدان
وكندة
مذحج
وهي القبائل التي ذكرت صراحة باسمها أما "الأزد" فلم تذكر بهذا الاسم ولكن
وردت أسماء قبائل يعدها أهل الأخبار منهم في نصوص خط المسند
أوثق مصادر تاريخ
اليمن القديم والقبائل المذكورة آنفا كان وجودهم على شكل أذواء وأقيال ولم يرد نص أن أحد منهم
وصل لدرجة مكرب فقد هناك قبائل أخرى تتمسك بهذه الطبقة جاء ذكر بعضها مثل "ذي
معاهر" و"ذي خليل" و"ذي سحر" يبدو أن همدان كانت أرضا تابعة للسبئيين
وعليهم رؤساء من بيت "ذي سمعي " أما كندة فقد كان جزء منهم يتواجدون في قرية
الفاو على مقربة من بوادي
الدواسر ضمن السعودية
حالياً وتشير إليهم النصوص السبئية بلفظة "ذو آل ثور" و"أبعل قريتم كهلم وقحطن" أي
أرباب قرية كاهل وقحطان وكانت مذحج وقبائلها من ضمنهم وأقدم نقش يشير
إليهم حكى عن انضمامهم لتمرد ضد الأسر الحاكمة في مأربوقد ورد ذكر سبأ كثيرا في
كتابات اليونانيين إذ وصفوهم بأن بلادهم المسماة "العربية السعيدة" كانت من أثري
الأماكن في شبه
الجزيرة العربية وأن السبئيين كانوا يسيطرون على الطرق التجارية من بلادهم حتى
حدود فلسطين
في كتب التراث العربية، فإن الغساسنة والمناذرة
سبئيين والحقيقة أنه لم يكتشف نص يشير إليهم بهذه الأسماء وأورد أهل الأخبار قصصا
بشأن ذلك منها أن الغساسنة سميوا بذلك عند نزولهم ماء غسان بعد هجرتهم عقب انهيار
سد مأرب وهو مالا يؤيده دليل مكتشف. في نفس الوقت، فإن الوجود السبئي في أماكن
الغساسنة والمناذرة مؤيد بالنقوش الآشورية وكتابات اليونان وإن كانت أسمائهم لم
تظهر صراحة إلا في عهد مملكة
حمير والوجود السبئي في تلك المناطق ليس مرتبطا
بتصدع أصاب سد مأرب القديم فالنص
الآشوري الذي يشير إلى سبئيين في تيماء يعود إلى فترة كانت مملكة سبأ في أوجهاوقد ذكر سترابو أن السبئيين والأنباط هم ذات
الشعب وهو قد يظهر الخلط التي وقع فيه الرومان ولكنه دلالة على وجود سبئي قرب الشام وذكر أن عاصمتهم كانت
"ماريبا" (مأرب) وذكر بلينيوس
الأكبر أن السبئيين كانوا يسيطرون على جزر كثيرة ووصفهم بأنهم شعب من
"السكونيين" وهي دلالة أن جزءاً من السبئيين كان بدويا فالسكونيين وفقاً لسترابو شعب
عربي يعيش جنوب ماسوباتوميا (بلاد
الرافدين)وكان النشاط السبئي واضحا في مناطق الأنباط بدلالة ورود
اسم ملك سبئي اسمه "زبد إيل" كان من سلم رأس "أليكساندر بالاس" الذي هرب لمناطق
الأنباط هربا من البطالمة، إلى بطليموس
السادس ولم يكن ليذكر اليونان ذلك لولا النفوذ السياسي السبئي في المنطقة
يمكن مشاهدة أطلال مدينة مأرب القديمة من مسافة بعيدة وقد ذكر اليونان أن
مركزها كان مبنيا على جبل
ولكن كل هذه الكتابات متأخرة للغاية ولا تفيد الباحثين في تحديد فترة نشوء
السبئيين ومراحلهم الأولى وأغلب الظن أنهم كانوا يستوطنون حاضرة صرواح وهي موقع قرب مدينة مأرب
القديمة ولم يختلفوا عن أي قبيلة أخرى، إلى أن توصلوا لحل للاستفادة من مياه
الأمطار فأقاموا سدا صغيرا في صرواح لحصر المياه ويعتقد أن تلك كانت المرحلة الأولى
لهم. فلا يوجد أنهار في اليمن تعينهم على الزراعة ومحصول
الأمطار ليس مرتفعا مما خلق لهم عددا من المشاكل فحرص السبئيون على الاستفادة من كم
الأمطار الضئيل عن طريق تشييد أول سدودهم الصغيرة في مدينة صرواح تجمعهم رابطة
قبلية حول الإله عثتر
الذي جعلوه والدهم بل والد البشرية جمعاء قبل دخول عدد من القبائل معهم وجلبهم
لآلهتهم في ذلك المجتمع الصغير استطاعت القبائل التوصل إلى وفاق وتفاهم بشأن
الآلهة فاعتبرو المقه (إيل مقه) إله قبيلة تدعى
"فيشان"، إلها للقمر بينما عثتر الإله الرئيسي لسبأ إلها للشمس لإيجاد رابطة عصبية
تجمع هذا الحلف ضد التحالفات الأخرى القريبة منهم والتي هي بدورها اجتمعت حول آلهة
خاصة بها كالسبئيين، اعتبروهم آباء وأن لهم منها ذرية ونسلا ويبدو أن قبيلة "فيشان"
هذه استطاعت بسط نفوذها في المراحل الأولى للدولة حتى تصدر الإله المقه أغلب صيغ
التعبد السبئية في النقوش ابتداء من القرن الثامن ق.م. قسم السبئيون قبائلهم على
هذا الأساس فيمكن معرفة ارتباط القبيلة من نقوش خط المسند
بعبارات مثل "ولد إل مقه " وتعني أبناء الإله إلمقه وقامت القبائل الأخرى
كقتبان ومعين وحضرموت بنفس الشئ مع قبائلها فقد كان الأوس من أبناء الإله
ود وهو إله مملكة
معين وليس سبأ وكانوا مملكة صغيرة لايعرف الكثير عنها حتى
الآن لم تبلغ مبلغ أي من الممالك الأربعة الرئيسية في اليمن
القديم.
حكم الكهنة
كتابة سبئية من الفترة المهجورة
يُعتقد أن سبعة عشر كاهناً تولوا سدة الحكم في سبأ وقد يتغير الرقم بزيادة
الاكتشافاتيعتقد أن أول مكرب أو أول من سمى نفسه بهذا اللقب عاش
في القرن العاشر قبل الميلاد كانت الكتابات السبئية القديمة غير واضحة
وقصيرة لكنها تحسنت بمرور الوقت وحرص السبئيون على تزيين شواهدهم وتنميقها في عصور
لاحقة. وهذا وهو المكرب أو الكاهن "سمح علي". ووردت عدة كتابات قصيرة في زمنه دونها
رجل اسمه "صباح بن يثع كرب" يذكر فيها الآلهة المقه وعثتر وذات بعدان وقبيلة
"فيشان" واسم المكرب وهو نقش ناقص وأُكتشف نقش آخر يعود إلى نفس الفترة ويُعتقد
أنه تكملة النقش الناقص يشير إلى ابن المكرب واسمه "يدعئيل ذارح" وقيامهم ببناء
جدار إضافي لمعبد أوام في
مأرب وفيه دلالة أن المعبد بني قبل هذه
الفترة وأن ماأجري عليه كان مجرد إصلاحاتبل أن أبحاثاً أثرية حديثة قامت بها جامعة
كالغيري الكندية على المعبد، تعيده إلى القرن الرابع عشر ق.م ومع ذلك بالكاد يُعرف
شي عن ملوك قبل القرن العاشر، فما كادت البعثة الكندية تتم أبحاثها حتى عادت البعثة
بسبب الاضطرابات الأمنية وقلق حراسهم المعينين من الحكومة اليمنية على سلامتهم ذكر في
النقش إلى جانب الآلهة عثتر والمقه وذات
حميم إلهة اسمها هبس
وجاء أنها كانت زوجة الإله المقه وقد اهتم يدعئيل ذارح هذا ببناء المعابد
وأهمها معبد أوام
والنصوص تتحدث عن إصلاحات وإضافات عليه ولا يُعرف حتى الآن من الذي أمر ببنائه
لم تُكتشف كتابات كثيرة عن المكاربة وأغلب نصوصهم المكتشفة بهذا النمط واستنبط
الباحثون أن ليدعئيل ذارح ابن اسمه "سمح علي ينوف" وكان الحاكم الثالث في قائمة
حكام سبأ كان يحكم بالتشارك مع عدد من الكهنة كذلك هم
"يدعئيل بين" و"يثع أمر" وهم إخوته ويظهر أن عددا من زعماء القبائل تبرع لتشييد عدد
من الإصلاحات على المعبد وكان زعيما من قبيلة قديمة اسمها "ذي يبرن" وزعيم قبيلة
أخرى اسمها "ذو رحضن وهذه النون التي تزين آخر الأسماء هي أداة التعريف المطلق في لغة
العرب الجنوبيين القديمةوسبقت أسماء زعماء تلك القبائل لفظة "مودد"
وتعني رجلا يتودد للحاكم وقريب منه وأُكتشف نص آخر يتحدث عن تبرع رجل من قبيلة
اسمها "ذو لحد" ببناء "مردع" (سور) لمدينة اسمها "منية"قام "يثع أمر وتر
بن يدعئيل ذارح" بتجديد بناء معبد الإلهة هبس
حاول السبئيين في تلك الفترة تجاوز مرحلة مملكة
المدينة في مأرب وصرواح وأغاروا على الجوف
وأستولوا عليها من مملكة
معين وقاموا بتسوير عاصمتها لتكون منطلقا لغاراتهم فيما بعد للسيطرة على باقي
الممالك اليمنية القديمة ومن ثم الطريق التجارية وكان المكرب يدعئيل بين بن يثع أمر
وتر قائد هذه الحملةفي نفس الوقت، هناك دلائل على وجود سبئي في
نفس الفترة في شمال الجزيرة العربية وورد في نص آشوري للملك سرجون
الثاني اسم "يثع أمر" واختلف الباحثون في المقصود ماإذا كان هو مكرب سبأ في مأرب أم أنه زعيم قبيلة سبئية في مناطق
قريبة من الآشوريين. يحكي النص الآشوري أن "يثع أمر" هذا قدم هدية للملك واختلف
الباحثون في سبب ذلك ومغزاه. فلا توجد دلائل أن الآشوريين وصلوا لليمن فالهدية قد
تكون من أحد زعماء المستعمرات السبئية في جنوب فلسطين والغالب كان من باب التلطف
للآشوريين وكسب ثقتهم في القوافل السبئية التي لها تجارة كبيرة في أسواق العراق
حينها ولكن تطابق الأسماء يرجح أن الهدية مرسلة من اليمن فإن كانت كذلك فالأرجح أن غزو
الآشوريين لـ"آدوماتو" (دومة الجندل) أثر على القوافل السبئية فعمل السبئيون في
اليمن على تقليل أي ضرر ناتج عن هذه الغزوة على تجارتهم بتقديم هدية لإيصال رسالة
للآشوريين أنهم لايريدون حربا والإبقاء على سلامة العلاقات التجارية بينهم قدر
الباحثون فترة حكم "يثع أمر وتر" في القرن الثامن ق.م حكم بعد يثع أمر وتر هذا
ابنه كربئيل بين وقام بتوسيع وتحسين مدينة "نشق" وهي في محافظة
الجوف وأرسل كربئيل بين هدية إلى ملك آشوري آخر هو سنحاريب ومثل النص
القديم الذي يشير لتقديم يمنيين لهدايا من البخور لفرعون مصر المسيطر على سورية،
فإن هدف الهدية المقدمة للملك الآشوري كان تسهيل التبادل التجاري بين العراق واليمن
ولكسب ثقة الآشوريين بالقوافل السبئية
جزء من الكتابة التي دونها المكرب "يثع أمر وتر" وتعود الكتابة للقرن
الثامن قبل الميلاد
تولى الحكم ابن كربئيل بين المدعو ذمار علي وتر والذي قام بتوسيعات إضافية
لمدينة "نشق" التابعة لمملكة
معين أصلاً قام ببناء سد صغير فيها لحصر مياه الأمطار وهذه النصوص على صعوبتها
وشحها تفيد أن السبئيين كانوا يتوسعون تدريجياً وببطء للاستيلاء على ممتلكات
جيرانهم ولا يعرف الكثير عنه سوى أنه يحكم بمشاركة
أخيه "يثع أمر بين" الذي قام بدوره بثقب عدد الصخور لإنشاء ثغور تسير منها المياه
وتزويدها بأبواب جديدة لزيادة التحكم بالمياه وكل هذه المشروعات تمت في مدينة مأرب
ويسمي السبئيون السد بلفظة "عرمن" (العرم) في نصوص خط المسند وازدهرت مدينة مأرب في هذه الفترة التي يعتقد أنها في القرن الثامن ق.م ونافست
مدينة صرواح
العاصمة الدينية للسبئيين. وقام يثع أمر بين هذا بتقوية حصون الجوف التي استولوا
عليها من المعينيين وسيطر على أبين وبنى فيها سدا كذلك شارك يثع أمر
بين مكرب يدعى سمح علي ينوف الثاني وقام ببناء سد آخر يدعى "رحاب" للسيطرة على مياه
الأمطار ويعتقد أن سد رحاب هذا هو سد مأرب الشهير وتعود زمن
الكتابة إلى العام 750 ق.م (القرن الثامن)وقام نفس المكرب (يثع أمر بين) ببناء "مردع"
(سور) آخر حول قلعة في حريب
وهو موقع على حدود شبوة عاصمة مملكة
حضرموت وفيه دليل على النوايا السبئية للسيطرة على أملاك جيرانهم تدريجيا وعلى
حين غفلة منهم فهذه القلاع والحصون أصبحت محطات لانطلاق المقاتلين وبالفعل شن
المكرب المذكور آنفا هجوماً على مملكة
قتبان وقتل منهم أربعة آلاف رجل وهاجم مملكة
معين وقتل عدداً لم يتسن للباحثين معرفته بسبب التلف الذي أصاب النقش وهاجم نجران
كذلك وكان عدد القتلى فيها مرتفعاً فقتل خمسة وأربعين ألف من أهل نجران وأسر ثلاثة
وستين ألف واستولى على واحد وثلاثين ألف رأس من الماشية وقام بإحراق مدن وقرى نجران
بالكامل وذكر أن على نجران رئيسا اسمه "عذرائيل" وقام نفس المكرب بأعمال
بنائية فقد أمر ببناء بابين إضافين لمدينة مأرب على كل باب برجين من حجر البلق
الكريم وجاء في معاجم اللغة أن البلق "حجر باليمن يُضيء ما وراءه كما يُضيء
الزُّجاج" وقام ببناء سد أطلق عليه اسم "مقرن" لإيصال
المياه إلى أبين وسدين إضافين هما سد "منهيت"
و"كاهل" وحفر عددا من المسايل وقام بتوسيع مجرى السيل لسد "رحاب" (سد
مأرب)وفي هذه النقوش دلالات على تفوق السبئيين في
بناء السدود وإبداعهم فيها فمن سدهم الصغير الأول في مدينة صرواح، توسعوا فبنوا
سدودا في كل المدن والقرى التي سيطروا عليها وحولوا صحراء جنوب شبه الجزيرة العربية
إلى أرض زراعية وهم من الحضارات القليلة في العالم القديم من فكر بإنشاء مثل هذه
المشاريع للتغلب على صعوبة تضاريس بلادهمإلا أن مشكلة
كبيرة كانت تواجههم وهي إيصال المياه إلى المرتفعات الجبلية. وردت أسماء خمس أو ستة
كهنة آخرين ولكن لا شي يذكر عنهم أو لم يُكتشف عنهم شي مهم.
التخلي عن الكهانة وإنشاء المملكة
وقائع كربئيل وتر الأول
في القرن السابع ق.م، قام المكرب كربئيل
وتر بتغيير لقبه إلى ملك. فقد بدأ حكمه كمكرب ودون كتابة طويلة بخط المسند
يحكي فيها متى صارا ملكا. قام هذا الملك بتوسيع نفوذ سبأ وشن حملة عسكرية خلفت تسعة
وعشرين ألف وستمائة قتيل وعددا أكبر من الأسرى أسمى الباحثون كتابته "كتابة صرواح"
كونه كتبها في معبد الإله المقه في تلك المدينة. وتعد هذه الكتابة من أهم النقوش
السبئية المكتشفة حتى الآن وللأسف فإن الإهمال طالها وطمست كثير من الحروف الواردة
فقد ذكر شيخ الأثريين المصري أحمد فخري بأن
النقش معرض لعبث العامة بدأ النقش بعبارة:
 |
هذا ما أمر بتسطيره كربئيل وتر بن ذمار علي مكرب
سبأ عندما صار ملكا. وذلك لإلهه إل مقه ولشعبه، شعب سبأ |
 |
بقايا وخرائب معبد المقه في صرواح زعم المؤرخون المسلمين أن
الجن بنته بأمر من الملك
سليمان
معبد إلمقه في صرواح من
الداخل
معبد إلمقه في شمال إثيوبيا قرب أكسوم أقدم المباني
الأثرية في تلك البلاد والسبئيين القادمين من اليمن هم أول من عمر فيها وعلم السكان
الأصليين الخط يعود تاريخ البناء للقرن السابع قبل الميلاد
حوالي أيام كربئيل وتر أو قبله بفترة غير بعيدة ويلاحظ التشابه في الطراز المعماري
للمعبد بذلك الموجود في عاصمة سبأ الدينية صرواح
تمكن هذا الملك كما يتضح من النقش، من حصر مياه الأمطار وري المرتفعات الجبلية
فقام بكساء صنمي الآلهة عثتر وهبس
بعد أن شكر إله سبأ المقه على تمكينه من توحيد شعب
سبأ أو "معشره" كما يذكر النص وأتباعهم دون تفرقة ولا طبقية وأن منحتهم الآلهة أرضا
طيبة حتى روت المياه كل أراضي سبأ. ثم انتقل إلى ذكر مواقعه لتوحيد القبائل
والممالك ويبدأ كل موقعة بعبارة و"يوم" وكانت مملكة
أوسان في عدن أو "أوسن"
وترجمتها الأوس لإن النون آخر العلم هي
أداة التعريف كما ورد آنفا ،أكثر الممالك المتضررة من حملاته فقتل منهم
ستة عشر ألف نسمة وهرب منهم من هرب ولم يحدد الجهة التي فروا إليها. ولكنه ابتدأ
مواقعه بحملة على المعافر وهي أرض
وقبيلة في تعز نسبها الإخباريون
لحمير
رغم أن ذكرهم أقدم بكثير، وجاء أنه "يوم مخض" (يوم ضرب) سادة ونقباء المعافر وأحرق
مدنهم وقراهم ثم قهر "ضلم" و"ضبر" و"أروى"، قتل منهم ثلاثة آلاف وأسر ثمانية آلاف
وضاعف عليهم "غرمت" (غرامة) من الماشية وهاجم "ذبحن ذو قشر" و"شرجب" واستولى على
جبل عسمة ووادي صير وجعلها وقفا لشعب سبأ كان هدف كربئيل وتر من هذه الحملة هو تقليص
نفوذ مملكة
أوسان على البحر
الأحمر وإن لم يذكر كربئيل ذلك في كتابته وعزى سبب حملاته إلى وحي من إلهه
بعد التوحيد
تمثال من البرونز عٌثر عليه في معبد المقه مقدم من رجل يدعى "معد يكرب"
يعود للقرن السادس ق.م
توفي كربئيل وتر وخلفه ابنه "سمح علي ذارح" ويُعتقد أنه حكم في أواخر القرن
السابع ق.م واستطاع الآثريون استنباط جوانب قليلة من حياته منها ابناه "إيلي شرح "
و" كربئيللا يعرف الكثير عنه ولا عن ابناه سوى نص ورد
عن إيفاء "إيلي شرح" هذا بنذر كان قد نذره للآلهة وأمر بتخليد فعله في شاهد بخط
المسند ليراه الناس وتولوا الحكم في المملكة فقد كان إشراك الإخوة في الحكم أمراً
شائعاً في اليمن
القديم وكان لعلي ذارح أخ آخر هو ابن كربئيل وتر واسمه يدعئيل بين ولم يُكتشف
شي مهم عنهم سوى بضعة كتابات لزعماء قبائل يشكرون آلهتهم على تحقيق مطالبهم ويختمون
نصوصهم بذكر أسماء هولاء الملوك إلا نصاً واحدا من هذه النصوص يذكر اسم بكيل وهي قبيلة يمنية لا
زالت موجودة إلى اليومن تولى الحكم ملك يدعى "يكرب ملك وتر" وأقر
هذا الملك قانونا يحدد فيه الضرائب على ملاك الأراضي والخدمة العسكرية المناطة
بالقبائل وختم القانون بإدراج اسمه وأسماء الأقيال المؤيدين للقرار وهم
أقيال "ذو حزفر" و"ذو كريم" و"ذو ثور" و"ذو خليل" إذ جاء في النص عبارة
"سمعم ذات علم" أي سمع أو شهد هذا الإعلام زعماء القبائل أو المقاطعات المذكورة
آنفاً.ويُعتقد أنه أقر ماعُرف بالـ"فيدرالية" عند السبئيين فلم يجد الملك حرجاً في
تدوين زعماء القبائل نصوصاً يصفون فيها أنفسهم بالملوك فجعل لكل مقاطعة حكماً
ذاتياً يتبع المملكة عسكرياً مقابل ضرائب تدفعها هذه المقاطعات للعاصمة وجعل
الباحثون مبدأ حكمة بدايات القرن السادس ق.موقد صعب ذلك من جهود
الباحثين في تمييز الملوك من زعماء الإقطاعيات فتفاوتت أرائهم كثيراً حول دلالات
النصوص
ثم تولى الحكم الملك "يثع أمر بين الثاني" وابتدأ حكمه بتقديم نذر للإله عثتر وأصيب بقية النقش بتلف
صعبت على الباحثين معرفة النذرولكن اكتشف عن تمرد من القتبانيين
وفرضهم لسلطتهم على مناطق سبئية، فقد ورد نص قتباني لملك يدعى "يدع أب يجل بن ذمار
علي" يحكي فيها ضمه لأراضي قبيلة اسمها "ذبحان" و"رعين" و"صبر" وجعلها من أملاك
الإله عم
أكبر آلهة القتبانيين فترأس كاهن سبئي يدعى "تبع كرب" المفاوضات مع قتبان وقام بخفر
خنادق وبناء أبراج حراسة بعد نجاح المفاوضات التي لم يذكر نتيجتها إلى أنه ذكر أنه
توصل إلى اتفاق من نوع ما مع مملكة
قتبانتولى الحكم بعد "يثع أمر بين الثاني" على
رأي الباحثين، ابنه "كربئيل وتر الثاني" الذي ابتدأ حكمه بسلسلة تعديلات على قوانين
الضرائب وقام بحفر أنهار وأغيلة وبناء سدود مائية جديدة ووردت نصوص من أشخاص يذكرون
فيها الملك وإبنه "سمح علي" منها الكتابة المعروضة في متحف
اللوفر بباريس والمقدمة من شخص يدعى "عميمر بن معد يكرب"لم يُكتشف شي يستحق
الذكر عن حياة "سمح علي ينوف الثاني" ولا عن ابنه "إيلي شرح الثاني" وكلهم حكموا في
القرن الخامس قبل الميلاد ومعظم النصوص التي يرجعها العلماء لهذا العهد تتحدث عن
إصلاحات وأعمال زراعية ومن ثم ملك "يدعئيل بين الثالث" وإبنه "ذمار علي الأول" وعلى
رتابة النصوص فهي دلالة على استقرار الأمور سياسياً ويظهر من النصوص ورود أسماء
آلهة أخرى مثل ود أكبر آلهة مملكة
معين إلى جانب آلهة سبئيين وهي دليل على الاستقرار والهدوء السياسي الذي ساد
هذه الفترة من القرن السادس وحتى نهايات الخامس ق.م ثم ملك "إيلي شرح بن سمح
علي ينوف" ومن بعده "ذمار علي بين" وكان شقيق "إيلي شرح" وكان "يدعئيل وتر" ابن
ذمار علي بين من تسلم الحكم بعد والده وذلك وسط القرن الخامس ق.م ثم ملك "كربئيل وتر
الرابع" بدايات القرن الرابع ق.م وهناك فجوات كثيرة في التسلسل التاريخي لهذه
الفترة جراء النقص في المُكتشف وكل مافعله الباحثون هو رص أسماء الملوك في قوائم
دون استنباط الكثير عن التطورات السياسية والاجتماعية ولكن ذكر آلهة سبأ إلى
جانب آلهة إلى جانب آلهة القبائل الأخرى في النصوص المدونة من المواطنين دلالة على
الهدوء السياسي بين القبائل وتفأهمها
سلالة ملكية جديدة
جزء من شاهد قبر مكسور يعود لهذه الفترة خلال القرن الخامس ـ الرابع
ق.م
وفقا لجون فيلبي في
كتابه "خلفية الإسلام"، فإن كربئيل وتر الرابع كان خاتمة سلالة ملكية لتظهر بعده
سلالة ملكية جديدة بقيادة ملك يدعى "إيل كرب يهنعم" الذي اكتشفت عنه كتابة شمال صنعاء اكتشف نص أن ملكا يدعى
"وهبئيل" (وهب إيل) وصل إلى الحكم ولم يكن من الأسرة الحاكمة المدعوة "فيشان"
ولايعرف من أي الأسر هو على وجه الدقة إلا أن نصا يعود إلى ابنه "أنمار" يشير إلى
الإله تألب ريام وهو
إله قبيلة
همدان وذلك أواخر القرن الرابع ق.م قليل المعروف عن "وهبئيل" وإبنه أنمار ولكن
ورد نص لشخص من قبيلة "ذي بتع" وهذه القبيلة من حاشد أو "حشدم" حسب نصوص المسند ورد في
النص أن الحاشدي هذا شن حملة عسكرية ولكن لا يعرف تفاصيلها بسبب التلف الذي أصاب
الكتابة فأضاعت منها الكثير ولكن الواضح أنه قدم تمثالا للإله تألب ريام وهو أكبر
آلهة همدان ووالدهم وفق معتقداتهم القديمة وذكر أن الملك "أنمار" أمده بقوات عسكرية
لدعمه
تولى الحكم بعد "أنمار" ابنه "ذمار علي ذارح" ولم يُكتشف عنه شي مهم وتولى بعده
الملك "نشأكرب يهأمن" وكلمة "يهأمن" تعني "يأمن" وردت عدة نصوص تعود
لأيامه منها نص إصلاحه لأصنام في معبد للإله عثتر كان قد أصابها تلف، ونص آخر
لتقديمه أربعة وعشرين صنما لإلهة اسمها "شمس" لإنها باركت قصره وأهله ثم ذكر الآلهة
إلمقه وعثتر ويبدو أن الملك أصيب
بعارض صحي بدلالة ورود نص لأقيال "جرت" زعماء قبيلة اسمها
"ذمري" التي تنتمي لقبيلة اسمها "سمهر" وفق الكتابة ولا يعرف شي عن هذه القبائل ولم
يرد لها ذكر في كتابات النسابة، قدموا تمثالين من البرونز "لإل مقه بعل أوام" (إل
مقه رب معبد اوام)
على شفاء الملك وأن يستمر إل مقه بإسعادهم بمنح ملكهم الصحة والعافية وورد نص
لزعيم قبلي من "آل جميل العرج" زعماء قبيلة اسمها "ميدع" شكروا فيها إلههم إل مقه
على رجوعهم سالمين غانمين بعد غزوة أمر بها الملك نحو "أرضم عربن" (أرض العرب)
وتمكنهم من استعادة ماسرقه البدو وأخذهم أسرى وذكروا آخر النص الآلهة عثتر وذات
بعدان وذات حمم وشمس
ويبدو أن أعراباً اعتدوا على قافلة سبئية عائدة إلى اليمن أو ربما يكون الاعتداء
على مزارع سبئية ولا يعرف على وجه الدقة ماهي "أرض عربن" هذه وحرفيا تعني "أرض
العرب" وكلمة عربي في كل النصوص السامية القديمة تشير إلى البدو دائما وليست بدلالة
قومية وبدأت تظهر بشكل أكثر وضوحاً في الكتابات السبئية ابتداء من القرن الأول ق.م
أثناء الحرب الأهلية بين همدان وحِميَّر. فقد استغل البدو هذا الاضطراب كعادتهم
للنهب والسلب واستفاد منهم الملوك فطوعوهم لمصالحهم. كان عهد نشأكرب يهأمن أو يأمن
هذا عهداً مستقراً ويبدو زاهراً بدلالة كثرة النصوص التي دونها زعماء قبائل وأناس
عاديين تطلب من الآلهة أن تديم عليهم نعمها وتزيد من هذه الأفضال
هناك اختلاف بين الباحثين حول قبيلة هذا الملك فمنهم من يعتبره همدانيا ولكن
غياب الإله تألب ريام من كتاباته يضعف هذا الاحتمال والغالب أنه من قبيلة اسمها
"جرت" الوارد ذكرها آنفا من "سمهر"أما كيفية وصوله لقصر الحكم في مأرب فهو أمر
غامض قد تكشف أسراره اكتشافات أثرية جديدة في اليمن فهذه المشكلة تواجه
الباحثين من القرن التاسع العشر فلا زال الغموض يحيط بجوانب كثيرة من تاريخ
البلاد.
الحرب بين همدان وحِميَّر
ظفار يريم بمحافظة إب
موطن الأسرة الحميرية الحاكمة
كانت سبأ تضم عددا كبيرا من القبائل ومقر الحكم الأساسي كان في مدينة "مرب"
(مأرب)، وكل قبيلة أو اتحاد بالأصح تحكم أراضيها ذاتيا وعلى رأسهم قيل أو ذو قد تتفاهم هذه القبائل مع
بعضها أو تزاحم الملوك على سلطانهم. في القرن الثاني ق.م، كانت سبأ تتمتع بوضع
مستقر يتخلله بعض الاضطرابات ولكن لا شواهد على ضعف المملكة فالكتابات اليونانية في
تلك الفترة تصف سبأ بكثير من البذخ إذ وصفوا السبئيين بأنهم أكثر القبائل العربية
عددا، بلادهم خصبة تنتج اللبان والبخور ووصف مدينة مأرب بأنها محاطة بالأشجار
و"ملكهم لا يغادر قصره ويقضي أغلب أوقاته مع النساء" بينما غالب الشعب
تجار ومزارعين في أغلبهم وذكروا أنهم كانوا يزودون سورية بالذهب ولهم
ارتباط وعلاقات تجارية وثيقة بالفينقيين
وذلك في القرن الثالث ق.موهذه الكتابات أفضل وأكثر واقعية من تلك
التي سبقت حملات الإسكندر
المقدوني والتي كانت تصف السبئيين بكثير من المبالغات منها أنهم يمتلكون ثعابين
مجنحة لونها أحمر وماإلى ذلك من الأساطير.
مع نهايات القرن الثاني ق.م وفي العام 115
ق.م تحالفت سبأ وحضرموت وأحرقت عاصمة مملكة
قتبان تمنع ومنذ ذلك الحين اعتبر
اليمنيون عام 115 ق.م مبدأ لتاريخهم فقد كانوا قبله يؤرخون شواهدهم بطرق أخرى
اعتمادا على حوادث معينة أو على أسماء الملوك، فيختمون شواهدهم بذكر أن الفعل
المعين وقع في سنة الملك الفلاني دون ذكر أي أرقام ولكن ذلك تغير بداية من العام
115 ق.م أما استقلال قتبان فحدث آخر
القرن الرابع ق.م وحتى أواخر الثاني ق.م وبعدها اندمجت في سبأ من جديدكان هذا
الهجوم بادرة حرب أهلية طويلة بين الحميريين (أبناء الإله عم أكبر آلهة قتبان)
والسبئيين والحضارم تبدلت خلالها التحالفات أكثر من مرة ولكن بلا شك أن من الانتقام
لقتبان كان أحد أسباب الحميريين لاستمرار القتال كان لهذا الصراع للإنفراد
بالملك أثر سئ على اليمن أنهك الممالك كثيراً
وانتشرت الأمراض والأوبئة وأطمع الإمبراطورية
الرومانية بالـ"عربية السعيدة" فالمنتصر كالخاسر فيها بالضبط فلا دلائل أن
أي المتقاتلين كسب مكاسب عظيمة من حربه، فكل كتابة عن نصر ما تُعقب بعدها بانتصار
آخر للعدو. ولكن هناك أسباب أخرى لإندلاع الحرب الأهلية قد تتجاوز مجرد الرغبة
الحميرية بالانتقام، فقد ضعفت مملكة سبأ في أواخر القرن الثاني ق.م بسبب هبوط
تجارتهم البحرية وهيمنتهم على التجارة البحرية على البحر
الأحمر فآثر ذلك على مصادر
الدخل ودفع اليمنيين القدماء للاعتماد على الزراعة لتعويض خسائرهم من هبوط تجارة
البحر مما دفع القبائل للمحاولة على السيطرة على كافة البلاد وإلغاء النظام
"الفدرالي" الذي كان سائداً
اللغة والخط
كان السبئيون يتحدثون باللغة السبئية وهي فرع أو لهجة من العربية
الجنوبية القديمة وهي لغة سامية.
الأبحاث القديمة في القرن التاسع عشر جعلتها من ضمن اللغات
السامية الجنوبية إلا أن أبحاثاً حديثة تجعلها فرعا ثالثا من
السامية
الوسطىوالمسألة لا زالت موضع نقاش بين المختصين
فالتصنيفات الداخلية للغات السامية صعبة عموما.
المميز في اللغة العربية الجنوبية القديمة هو تقديمها لأداة التعريف "نون" في
آخر الكلمة هو مالم يوجد في أي لغة سامية أخرى أما مايميز اللهجة
السبئية عن باقي اللهجات العربية الجنوبية القديمة هو استخدامها للحرف "هاء" كأفعال
سببية فيقول السبئيون "هحدث" بمعنى "سأفعل" بينما العرب الجنوبيين الآخرين يستعملون
الحرف سين
أما للتدوين فقد كان السبئيون يخلدون ذكراهم بكتابة شواهد باستخدام خط المسند أو
"متسندن ـ م ت س ن د ن " كما كانوا يطلقون عليها. وهي كتابات تتعلق بتقديم القرابين
أو لتخليد انتصار وبناء منزل وماشابهها من الأنشطة. أما للمعاملات اليومية فقد
استخدموا الزبور أو "زبرن"الأبجدية العربية الجنوبية القديمة تتكون من تسعة وعشرين حرف ودونت في أوائل
الألفية الأولى وهو مايجعلها من أقدم الأبجديات في العالم وعدّها اللغويون أبجدية
شقيقة للفينيقية
ولم تُقتبس أو تتطور عنها وهي فرع من أبجدية
سينائية أولية حسب بعض النظريات